مياسة الزين

سبق- الرياض: نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومقره واشنطن، مقالاً للزميل بندر الدوشي، مراسل صحيفة "سبق" في واشنطن، حول الأدوار التخريبية لطهران في اليمن, ويعد هذا المقال الأول من نوعه الذي يُنشر على موقع المعهد.



ونُشر المقال باللغتين الإنجليزية والعربية, وبذلك ينضم الزميل "الدوشي"، إلى قائمة الكُتّاب في المعهد بتوجيهٍ مباشرٍ من أحد أبرز خبراء المعهد الدكتور ديفيد بولوك، وهو زميل أقدم في معهد واشنطن، والذي عمل مستشاراً رفيع المستوى في مشروع "الشرق الأوسط الكبير" بوزارة الخارجية الأمريكية عام 2002.. وفي هذا المنصب، قدّم استشارات في السياسات المتعلقة بقضايا الديمقراطية والإصلاح في المنطقة، وعمل محاضراً زائراً بجامعة هارفارد ومدرساً مساعداً بجامعة جورج تاون.



ويعد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى واحداً من أهم المراكز الأمريكية التي تعتمد عليها الخارجية الأمريكية لرسم السياسات الخاصّة حول الشرق الأوسط, حيث يعد مصدراً مهماً للمعلومات عن الشرق الأوسط لوسائل الإعلام الأمريكية وصُناع القرار, ومن أهداف المعهد، الممول من الحكومة الامريكية؛ كما هو مدوّن عليه، أنه يسعى لتعزيز فهمٍ متوازنٍ وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ودعم السياسات التي تضمن سلامتها.



"سبق" تنشر نصّ المقال حرفياً باللغة العربية:

في الوقت الذي كان فيه الغرب مشغولاً بموضوع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وكيفية احتوائه سقطت العاصمة اليمنية، صنعاء، في أيدي المسلّحين الحوثيين الشيعة المدعومين من قِبل طهران. ففي أيلول الماضي، قام المسلّحون باجتياح صنعاء من دون مقاومة عسكرية في حدثٍ أشبه بانقلابٍ عسكري، فسقط أكثر من 270 قتيلاً، كما تمّ إفشال العملية الديمقراطية التي يرعاها المجتمع الدولي واستقالت الحكومة.



لكن الحدث الأخطر في هذا الاجتياح كان إسقاط المؤسسة العسكرية؛ حيث استولى الحوثيون على أكثر من 150 دبابة ونهبوا مستودعات السلاح وسيطروا على وزارة الدفاع والقواعد الجوية والمؤسسات الأمنية، وأخلوها من رجال الأمن وسط ذهولٍ شعبي ودولي. كانت ردود الفعل الدولية خجولة باستثناء إيران التي شجّعت وهلّلت بـ "الانتصار الكبير" على "الاستكبار" العالمي وأمريكا وعملائها في المنطقة.



بعد سقوط صنعاء، صرح مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، قائلاً بأنها "باتت العاصمة العربية الرابعة في يد إيران"، وأضاف في تصريحات نشرتها وكالات الأنباء الإيرانية، أن طهران تمر هذه الأيام بمرحلة "الجهاد الأكبر"؛ مشدّداً على أن هذه المرحلة "تتطلب سياسة خاصةً وتعاملاً حذراً من الممكن أن تترتب عليه عواقب كثيرة".



بدوره، وصف مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي أكبر ولايتي، اجتياح الحوثيين لصنعاء، وإفشال الديمقراطية الوليدة في هذا البلد، بأنه "تحولٌ فريدٌ من نوعه"، مؤكدا أن "الانتصارات المتلاحقة للجماعة تدل على أنها جاءت بشكلٍ مدروسٍ ومخططٍ".. وعبّر عن أمله بأن يقوم الحوثيون في اليمن بالدور نفسه الذي يقوم به حزب الله في لبنان؛ معتبراً أن الحوثيين "جزءٌ من الحركات الناجحة للصحوة الإسلامية".



هذه التصريحات الإيرانية تدعم طائفةً مسلحةً شيعيةً ضدّ محيطٍ سني ضخم؛ تتجاوز نسبته 70 في المائة من سكان اليمن.. وهذا يدل على أن طهران تقوم بصب الزيت على النار وسط حالةٍ من الغليان والغضب من قِبل سكان العاصمة ومن قِبل معظم اليمنيين بعد سقوط عاصمتهم في أيدي فصيلٍ داخلي يحمل أجندةً خارجيةً، وهو الأمر الذي حطّم آمال ثورتهم الوليدة، وأدّى إلى إسقاط المؤسسة العسكرية الوحيدة التي يعتمد عليها اليمن في ضبط الأوضاع في مجتمع قبلي مسلح.



كان الجيش اليمني في مواجهةٍ مرهقةٍ منذ سنين مع تنظيم "أنصار الشريعة" التابع لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الذي يعد الأشد تطرفاً والأخطر في المنطقة، وأعلن مناصرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في وجه حملة التحالف الدولي ضدّه.



على أي حالٍ كان تنظيم "أنصار الشريعة" يترنح بين ضربات الجيش بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، وبين رفضٍ شعبي كارهٍ لتصرفات هذا التنظيم؛ بسبب العملية الإرهابية والوحشية في أواخر عام 2013 التي استهدفت مستشفى العرضي في صنعاء، وأسفرت عن 56 قتيلاً و250 جريحاً معظمهم من المدنيين اليمنيين.. هذه العملية أثرت في سمعة "القاعدة" بشكلٍ غير مسبوقٍ؛ ما أجبر هذا التنظيم على إصدار بيانٍ اعتذاري للشعب اليمني؛ اعترف فيه بـ "الخطأ والذنب" واعتذر لذوي الضحايا.



لكن سقوط العاصمة في أيدي المسلحين الشيعة وإسقاط المؤسسة العسكرية كانت بمنزلة هديةٍ من السماء لهذا التنظيم.. فاستغل غضب الشارع اليمني على هذه الأحداث، وبدأ بحشد الشارع اليمني ضدّ الحوثيين بحجة مقاومة الاحتلال الإيراني لصنعاء، وانضم إلى هذا التنظيم المئات من المسلحين بحجة طرد الحوثيين من العاصمة.



وبالفعل، نفّذ تنظيم القاعدة أكثر من 25 عملية نوعية ضدّ الحوثيين، كان معظمها هجمات انتحارية بسيارات مفخّخة.. وتوسع نشاط التنظيم حيث اجتاح مدينة العدين مستولياً على مقار الحكومة المدنية والأمنية وسط ترحيبٍ كبيرٍ من قِبل الأهالي. تحدث موالون لتنظيم أنصار الشريعة على حساباتهم على "تويتر" عن ذبح ثلاثين مسلحاً حوثياً على أيدي تنظيم أنصار الشريعة في اليمن قبل ساعات، وانضم إلى هذا التنظيم المئات من المسلحين القبليين وسط حالة استقطابٍ شبيهة بـما حدث قبل قيام تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" باجتياح الموصل وشمال العراق وغربه.



جميع هذه الأحداث حصلت خلال شهرٍ واحدٍ فقط من عملية اجتياح الحوثيين الشيعة للعاصمة اليمنية.



لقد شاهدنا كيف عمّت الفوضى العراق والدور الإيراني التخريبي الذي عرقل عملية التقدّم في البلاد.. تسبّبت طهران في سقوط العراق في وحل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وفي إغراقه في التطرُّف؛ بسبب السياسة الطائفية التي اتبعها حليفها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي.



اليمن ينزلق بسرعةٍ كبيرةٍ نحو الفوضى الدينية القاتلة.. فبيئة اليمن هي أشد خطراً من بيئة العراق، علماً أن الشعب اليمني يعاني البطالة والقهر وسوء الأوضاع المعيشية, ومن السهل استقطابه للقتال في صفوف تنظيمات متطرفة.



ببساطة لا أحد من اليمنيين يقبل بأن تكون البلاد تحت الوصاية الحوثية الإيرانية.. وبالتالي ينبغي للمجتمع الدولي التحرُّك بسرعة في اليمن لمنع طهران من مواصلة أدوارها التخريبية هناك، ولدعم المؤسسة العسكرية الضعيفة.. كما ينبغي للغرب والدول العربية تشكيل تحالفٍ آخر لمواجهة الفوضى الخطيرة المحتملة؛ وإلا سيتحوّل اليمن إٍلى دولة فاشلةٍ أخرى يعمّها العنف في الشرق الأوسط.





المزيد من التفاصيل...

---

hofhv sfr hgd,l 7-1434 aiv v[f | -lui] ,hak'k gsdhshj hgavr hgH]kn dkav lrhghW gJ "hg],ad"