أم
أيمن وشربة الكوثر كان سيدنا رسول الله في شهر شعبان يشرح كل ما يحتاجه المسلم من المسلمين من الرجال وكل ما تحتاجه المرأة المسلمة من نساء المسلمات في صيام شهر رمضان لكي نصوم الشهر صياماً صحيحاً مقبولاً إن شاء الله لأنه لا يجوز للمسلم أو المسلمة أن يصوم أو يصلي وينتظر حتى يخطىء ثم يسأل، لكن يجب أن نتعلم ما يجب علينا في الصيام لكي يكون صياماً مقبولاً فإذا لم نعرف يجب أن نسأل لـماذا نصوم أولاً؟ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} نريد أن نصوم فلنعرف أولا لماذا نصوم؟ يلزم أن نحدد في ذهننا وفي قلبنا وفي نيتنا الهدف من الصيام لأن الله يعطي الأجر على قدر النية فإذا كان الإنسان يصوم مثل جميع الناس الصائمة فأجره هنا محدود لكن كلما صحح النية يكون الأجر بغير حدود من الله فلكي نصوم رمضان يجب أن ننوي أولاً لكي نعمل بحديث رسول الله الذي يقول فيه {مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}[1] لغفران الذنوب إذاً نريد أن نصوم لكي يغفر لنا الله الذنوب الماضية كلها وهنا نكون قد صمنا من أجل غفران الذنوب وليس من أجل أن الناس صائمة وفقط وأيضاً لأن ربنا أمرنا بالصيام تنفيذاً لأمر الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} وعندما أمرنا بالصيام حدد لنا الغاية لماذا كتب الصيام علينا؟ قال {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}لتقوى الله وتنفيذ أمره سبحانه لكي تصلوا إلى التقوى التي يحبها الله والتقوى لها معاني كثيرة يكفينا معنى واحد منها يناسب المقام وهي الخوف من الله فالخوف من الله يمنع العبد من الذنوب ويجعله يسارع إلى طاعة الله وتنفيذ أحكام شرع الله فنصوم أولاً لكي يغفر لنا ربنا ذنوبنا بنية والنية الثانية هي أن ننفذ أمر الله ونتقيه سبحانه ومن ينفذ أمر الله ماذا له؟ نسأل كتاب الله فنجده يخبرنا أنه من ينفذ أمر الله يكون قد أطاع الله ومن يطع الله أين يكون؟ قال الله {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} إذاً المطيع سيكون في الآخرة مع هذه الجماعة وهم الوجهاء والعظماء ويصوم أيضاً لأن شهر رمضان هو شهر القرآن قال الله{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } ونزول القرآن نعمة من نعم الله العظمى علينا يجب شكر الله عليها لأن كل نعمة لها شكراً فنشكر الله على نزول القرآن بصيام الشهر الذى نزل فيه القرآن ؟ وهذه نية ثالثة ولماذا نصوم أيضا؟ لنيل شفاعة النبى والصيام و القرآن لأن سيدنا رسول الله أعلمنا أن كل واحد فينا يوم القيامة يريد من يشفع له ولن يدخل أحد الجنة بعمله {مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ} قلنا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال {ولا أنا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِرَحْمَةٍ مِنْهُ}[2] ووضع يده على رأسه إذاً تلزم هنا الشفاعة والشفاعة المضمونة والمقبولة هي شفاعة رسول الله ومن غيره ؟ قال الرسول أن هناك شفاعتين مضمونتين ما هما؟ قال {الصِّيَامُ والقُرآنُ يُشَفَّعَانِ في العَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّهْوَةَ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، ويَقُولُ القُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ باللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ» قال: «فَيُشَفَّعَانِ}[3] هل يوجد منا من لا يحتاج إلى هذه الشفاعة المضمونة؟ فبذلك ننوي مع نية الصيام أن ربنا يشفع لنا بالصيام والقرآن أو يشفع فينا الصيام والقرآن لماذا نصوم أيضاً؟نريد منزلة عظيمة لأن كلنا سنخرج من الدنيا من فيكم لن يخرج من الدنيا إلى يوم القيامة؟ من معه هذا الضمان؟ كلنا مسافرون والتفاضل بين الناس هناك سيكون على هذا الأساس{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} على حسب التقوى والعمل الصالح هل سنكون مع بعضنا جميعاً هناك؟ لا هناك أناس ستخرج من القبر إلى الجنة فوراً ليس لهم شأن بالحساب أو الميزان أو الصحف أو الصراط أو أي شيء وربنا يعطيهم من هنا ضمان بأنهم لا يدخلون النار من هم؟ بعتقهم الله من النار .. لنكون من عتقاء الله من النيران وهذه نية رابعة هؤلاء قال فيهم النبي عليه الصلاة والسلام {لله في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار فإن كانت ليلة الجمعة أعتق في كل ساعة ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا النار}[4] كل ليلة كشف بأسماء مائة ألف ومكتوب لهم عتقاء الله من النار فإذا كانت ليلة الجمعة من كل أسبوع يعتق فيها مثلما أعتق في سائر الأسبوع –كشف ليلة الجمعة قدر كشوف أيام الأسبوع كله- فإذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان أعتق الله فيها مثلما أعتق في سائر الشهر {فإذا كان آخر ليلة أعتق بعدد من مضى }[5] ونحن جميعاً نريد شهادة بالعتق من النار – كيف نأخذ هذه الشهادة؟ حضرة النبي وضحها لنا قال: {من فطر فيه صائماً –لكن يفطره لله وليس أن أفطر عندك يوم وتفطر عندي يوم فهذا جميل وذلك رد للجميل مثلاً سأفطره لأنه رجل من الأغنياء ولي عنده مصلحة سيقضيها لي إن الله ليس له شأن بذلك ولكنه يريد {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} والذي يفطر فيه صائماً واحسبوا معي الأجر من فطر فيه صائماً ما أجره يا رسول الله؟ إحسبوا معي قال{مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِماً كَانَ لَهِ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ }[6] فمن يفطر صائماً له ثلاثة أجور أولها: أن يغفر الله له جميع ذنوبه وثانيها: يوضع في كشوف العتق من النار وثالثها: أن يكون له مثل أجر الصائم تماماً بتمام فقال له أصحابه: – وانظروا الفضل العظيم والتيسير الكريم من الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطَّر الصائم عليه قال {يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِماً عَلَى مُذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ} فأصبح الأمر بذلك سهلاً وميسوراً فشربة ماء يأخذ بها الأجر وتمرة واحدة يأخذ بها نفس الأجر – مثلاً لو واحدة أحضرت كيلو تمر وجاءت إلى المسجد قبل المغرب ووزعت على كل واحد تمرة فكم تأخذ من الأجر؟ فإذا كان كيلو التمر فيه ثلاثون تمرة مثلاً فتأخذ أجر ثلاثين صائماً لله فما بالكم بمن يفطر الصائم حتى يشبع؟ قال في ذلك النبى{وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِماً سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لاَ يَظْمَا حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ} لنشرب من حوض
الكوثر وهذه نية أخرى ننويها أن يمن الله علينا ويتفضل النبي الحبيب علينا بأن يسقينا من حوضه الريان و نشرب من
الكوثر فمن أعطى شربة من حوض
الكوثر الخاص بحضرة النبي فلا يظمأ يوم القيامة ولا بعدها أبدا ويالها من نية عظيمة وجزاءٍ أعظم ما مقدار يوم القيامة؟ ربنا قال فيه {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}وتكون الشمس فوق الرؤوس والحرارة شديدة والناس من شدة العطش تتدلى ألسنتهم على الأرض من شدة العطش – ولا يوجد هناك ماء أو حنفية أو كولدير أو أي شيء من هذا من الذي سيشرب؟ لن يشرب أحد إلا من دفع ثمن شربة من حوض
الكوثر وقد قال فيه الله {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ما حجم هذا الحوض؟ قال فيه {حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ ( أي الفضة) وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ ( أكوابه) كَنُجُومِ السَّمَاءِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلاَ يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً}[7] فالذي يشبع صائماً يخرج له كوب ويكتب عليه اسمه وعندما يأتي يوم القيامة ويخرج من القبور في أرض النشور تقدم له الملائكة التحية {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} وعندما يشرب هذا الكوب لا يصيبه عطش أو جوع طوال الخمسين ألف سنة وهناك من الناس من يشرب منه في الدنيا، كيف؟ أيام حضرة النبي الخادمة التي كانت مع أم حضرة النبي واسمها أم
أيمن وذهبت معها إلى المدينة لتزور أباه لأن أباه توفى قبل ميلاده بستة أشهر وعند رجوعهم في الطريق ماتت أمه فحملته السيدة أم
أيمن إلى أن وصلت إلى مكة ومكثت في مكة إلى أن هاجر الرسول إلى المدينة وبعدما هاجر إلى المدينة أرادت أن تهاجر فمشت لوحدها فوجدت جماعة مسافرين إلى المدينة فقالت لهم: خذوني معكم واتضح بعد ذلك أن هؤلاء القوم يهود ولما عرفوا أنها مسلمة حاولوا أن يأخذوها في دينهم فرفضت فأصدر كبيرهم أمراً لزوجته وأولاده بأن يمنعوا عنها الطعام والشراب وظلت على هذا الحال كما حكت إلى أن ذهب سمعها وأوشك البصر أيضاً أن يذهب فتضرعت إلى الله فوجدت دلواً نازلاً من السماء مربوطاً بحبل فيه ماء وظل الدلو ينزل إلى أن وقف على ربوة ومال الدلو فشربت منه جرعة وجذب الدلو مرة أخرى لأعلى فحزنت ولكن لو شربت وارتوت لأصيبت بمرض الاستسقاء في الحال فلرفعه حكمة من الله وبعد فترة نزل الدلو مرة أخرى فشربت جرعة أخرى ورفع مرة أخرى وفي المرة الثالثة تدلى الدلو إلى أن شربت وارتوت وغسلت وجهها وسكبت بقية الماء على جسمها من شدة الحرارة فذهب اليهودي لزوجته يعنفها قائلاً ألم أقل لك: امنعى عن المسلمة الماء؟ فقالت: لم تشرب وقرب الماء سليمة لم تمس قال: من أين شربت إذاً؟ قالت: نسألها فقصت لهم حكايتها فأسلم هو وزوجته فقد شربت من حوض
الكوثر فكانت عندما تأتى أيام الصيف الشديدة الحرارة وكما قالت: "كنت أصوم اليوم الشديد الحر لعلى أجد الظمأ فلا أجده وكنت أذهب إلى الحرم وأطوف حوله في فترة الظهيرة الشديدة الحرارة لعلي أشعر بالظمأ فلا أجده لماذا؟، لأنها شربت من الحوض الذي يقول فيه حضرة النبي{ من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً} من الذي يأخذ هذا الأجر العظيم وهذا الثواب الكريم؟الذي يفطر الصائم حتى يشبع لأنه هناك فرق بين من يفطر الصائم ومن يشبع الصائم فالذي يفطر الصائم قلنا أن ربنا يغفر له ذنوبه ويأخذ قرار بالعتق من النار ويكون له مثل أجر الصائم ومن يشبع الصائم له هذا الأجر أيضاً ويزيد عليهم بأن يكون له شربة هنيئة مريئه من حوض
الكوثر لا يظمأ بعدها أبداً فهل هذا العمل سهل ميسور أم صعب؟ سهل إن شاء الله ولكن الأهم أن تعمله الواحدة منكن محبة لله فأحياناً يقول لها الزوج أنا عازم فلان وفلان اليوم فترد عليه بأنها متعبة وغير قادرة وتظل طول اليوم في نكد وكرب وبذلك تكون حرمت نفسها من الأجر والثواب لأن شرط الأجر أن يكون العمل عن رضا وعن محبة فأنتِ مثلاً ستعملي إن رضيتى أم لم ترضي فلماذا تحرمي نفسك من الأجر والثواب؟ فيلزم أن تعملي عن محبة لكي تأخذي الأجر والثواب من الله
[1] صحيح ابن حبان عن أبي هُرَيْرَةَ.
[2] (رواه الطبراني) عن أسامة بن شريك وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة.
[3] رواه أحمد وإسناده حسن عن عبد الله بن عمرو.
[4] [كنز العمال] (الديلمي عن ابن عباس).
[5] البيهقى عن الحسن مرسلا [كنز العمال]
[6] ابن خزيمة البيهقى والأَصبهاني في التَّرغيب عن سلمان.
[7] (صحيح مسلم) عن عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
منقول من كتاب [المؤمنات القانتات]
Hl Hdlk ,avfm hg;,ev
0 Responses to أم أيمن وشربة الكوثر